أنشطة الحياة المدرسيةالأنشطة الصفية
1. ما الذي لا نعنيه بالأنشطة الفصلية؟
إننا لا نعني بها أن تكون:
*أنشطة تتمحور حول معارف ومعلومات؛
*بالضرورة داخل أسوار حجرة الدراسة؛
*ممارسات تلقينية، يستحوذ فيها المدرس على الكلمة، فيكون بذلك هو محور التعليم؛
*حصصا يتوزع فيها المتعلمون إلى صفوف، يستمعون إلى محاضرات موحدة للمدرس، لا تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل متعلم، ولا تشركه في بناء المعرفة؛
*أنشطة دراسية تستند في كليتها أو في جلها على الكتاب المدرسي؛
*أنشطة تحت سلطة لا تناقش للمدرس، ينعدم فيها التعاقد، وتنعدم معها حرية المبادرة والرأي والاقتراح للمتعلمين، ويسود فيها العنف واللامساواة وعدم تكافؤ الفرص.
2. فما هي إذن الأنشطة الفصلية؟
إنها أنشطة مسطرة في المناهج المقررة، تنجز باستثمار الكتب المدرسية المصادق عليها، وتعنى بالاجتهاد الفردي والجماعي في إطار المجلس التعليمي ومجالس المؤسسة، وفق ما ينص عليه النظام الأساسي الخاص بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، وبتنسيق مع المفتش التربوي. كما ينبغي أن يدعم هذا الاجتهاد بإعداد تقارير دورية تتيح التراكم والتقاسم والتعميق في إطار تعاوني.
*التنمية الشمولية لشخصية المتعلم:
بحيث تنمي الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية بشكل تفاعلي مندمج فيما بينها، لا يفصلها عن بعضها البعض، بما ينمي اتجاهات إيجابية لدى المتعلم نحو ذاته ومحيطه، ويعطي معنى للتعلم بجعله منفتحا على المجتمع بمجالاته الاقتصادية والثقافية والفنية وغيرها؛
*التعلم الذاتي وبناء المعرفة :
و يقصد بهما أن يكون التدريس متمحورا فعلا حول المتعلم؛ فهو من يسأل؛ هو من يجيب؛ هو من يناول ويجرب؛ يبني المعرفة ولا يتلقاها. إن التعلم عملية فردية، لهذا ينبغي تفريد التعلم بجعل كل متعلم يتفاعل شخصيا مع المعرفة دون أن ينوب عنه في ذلك أحد، أكان متعلما أم مدرسا؛
*العمل الجماعي التشاركي والمشاركة الفعالة :
ولا يقصد بهما أن تكون الأنشطة موجهة بشكل موحد إلى جماعة القسم الكبرى، بحيث يتسابق بعض المتعلمين "المجتهدين" على الأجوبة، بينما تظل الأغلبية متفرجة تستمع أو تشاهد؛ بل المقصود أن يكون العمل الجماعي ضمن مجموعات، تكبر أو تصغر، وفرصة لتنمية التعاون، وليس الاتكالية أو المنافسة الإقصائية، وما يرتبط به من بناء قواعد العمل الجماعي؛
*تفريق التعلمات (البيداغوجيا الفارقية) :
لا يوجد قسم منسجم؛ وحيد المستوى. إن جميع الأقسام مشتركة ما دامت تضم أكثر من متعلم واحد؛ فمهارة المدرس ومهنتيه تكمن في قدرته على أخذ الفوارق الفردية بين المتعلمين بعين الاعتبار. لا يوجد متعلمان متشابهان ولو كانا توأمين متطابقين؛ ذلك أن كل متعلم يتميز بإيقاعه وسرعته وخبرته واستراتيجيته الخاصة في التعلم، وبذكاءاته وميوله ومواهبه الخاصة، وبتوظيفه لحواس أكثر من أخرى لإدراك وفهم العالم. كل هذا ينبغي أخذه بعين الاعتبار في اختيار الأنشطة بشكل يبرز ويشجع وينمي القدرات والخصوصيات الفردية، عبر صيغ متنوعة: عمل فردي / ورشات / أشغال تطبيقية / معامل / ألعاب / مسرح / تشكيل / موسيقى...إلخ.
*الحق في الخطأ وحرية التعبير:
التعامل مع الأخطاء ليس فقط مرغوبا فيه، بل ضروريا للتعلم، فلا يكفي تقديم المعارف الصحيحة، إذا لم ننطلق من تمثلات المتعلمين حول معرفة معينة، وحول المسارات الذهنية التي يقطعونها من أجل الوصول إلى الحلول المطلوبة. ولا يمكن لبيداغوجية الخطأ أن تفعل في ظل أجواء تنعدم فيها الحرية وينظر فيها إلى الخطأ على أنه سلوك سلبي؛
*الانطلاق من وضعية/مشكلة :
إنها المرتكز الأساسي للمقاربة بالكفايات، وحصيلة لمجموعة من المنطلقات البيداغوجية الحديثة. وهي لا تقتصر على بداية التعلم أو الدرس، بل تواكب مختلف لحظات التعلم بدءا بالاكتساب والبناء، وانتهاء بالتقويم والإدماج. ومن شأن الوضعية / المشكلة أن تجعل المجتمع في قلب المدرسة، وتعطي معنى للتعلم فتجعله ملائما للحياة، وتجعل المتعلم مؤهلا للاندماج في الحياة العامة والعملية؛
*تنويع طرائق التعلم ومتعة التعلم:
ينبغي أن تكون طرائق التعلم متنوعة مشوقة، تعتمد على وسائل مختلفة تسهل على المتعلم الانخراط وتحفزه عليه، بحيث لا يمكن الاستمرار في اعتبار التعليم والتعلم فرضا خارجيا يكره المتعلمون الامتثال له.
إن هذا منطلق يعاكس التوجه الطبيعي للإنسان، باعتباره يولد ومعه غريزة طبيعية للمعرفة والتعلم؛ وواجب التعلمات الفصلية هو استثمار هذا الاستعداد والاستجابة له. وإذا تبين أن المتعلم لا يرغب في نشاط تعليمي معين، فالحل لن يكمن في الإكراه والتكرار، بل في البحث عن بدائل أخرى تستجيب لحاجاته، عبر اللعب والانطلاق من وضعيات طبيعية والبحث والاستطلاع والزيارات واستضافة أشخاص مصادر أو في إطار مشروع المؤسسة...؛
إن هذا منطلق يعاكس التوجه الطبيعي للإنسان، باعتباره يولد ومعه غريزة طبيعية للمعرفة والتعلم؛ وواجب التعلمات الفصلية هو استثمار هذا الاستعداد والاستجابة له. وإذا تبين أن المتعلم لا يرغب في نشاط تعليمي معين، فالحل لن يكمن في الإكراه والتكرار، بل في البحث عن بدائل أخرى تستجيب لحاجاته، عبر اللعب والانطلاق من وضعيات طبيعية والبحث والاستطلاع والزيارات واستضافة أشخاص مصادر أو في إطار مشروع المؤسسة...؛
*تنويع وتدبير فضاءات التعلم:
ينبغي أن لا تتم الأنشطة الفصلية دائما داخل الحجرات الدراسية التقليدية، بل في فضاءات أخرى، داخل المؤسسة أو خارجها، كما يتعين تنويع أشكال العمل باعتمادها في وضعيات مختلفة تيسر التواصل بين مجموعة القسم الواحد أو أكثر، أو ضمن مجموعات عمل صغيرة تتغير تبعا للأنشطة التعليمية التعلمية، بحيث تتجانس تارة، وتتباين تارة أخرى؛
*تقويم التعلمات والانطلاق من نتائج التقويم:
لا تزال الممارسات التعليمية لا تعكس الأهمية الكبرى التي يحتلها التقويم بمختلف أنواعه، وخصوصا منها التقويم التشخيصي والتكويني، فلا يمكن تبرير القفز عليه بدعوى طول المقررات والإسراع في استكمالها؛ ذلك أن أي تعلم لا يمكن أن يكون راسخا إلا إذا استند على مكتسبات ينبغي التأكد من تحصيلها عن طريق التقويم؛
*التعامل الإيجابي مع الكتاب المدرسي:
الكتاب المدرسي ليس سوى فرضية لتصريف المنهاج الرسمي، فلا ينبغي، إذن، التعامل معه على أنه المنهاج نفسه؛ إنه مجرد أداة مساعدة، تستعمل عندما يتبين أن بعض مكوناته تستجيب لخصوصيات وحاجات المتعلمين. ينبغي إذن ألا يتم التعامل مع الكتاب المدرسي على أنه منطلق ومنتهى؛ يتحول بموجبه الدرس إلى إنجاز متسلسل لمختلف التمارين والأنشطة المتضمنة في الكتاب دون تصرف أو اجتهاد؛ ويتحول إلى بديل عن وضعيات حقيقية ووسائل وطرائق أكثر ملاءمة.
إن استعمال الكتاب المدرسي بهذه الصورة يعوق التعلم أكثر مما يخدمه، فالمطلوب من هيئة التدريس الاجتهاد في استثماره وإثرائه بأنشطة متنوعة تستجيب لحاجات المتعلمين ولمتطلبات نموهم.